الموضوع: سفــر التكـــويـــن ( 6 )

+ الأسر الأولى للجنس البشري ( 10 : 1 - 11 : 32 ).

سلسلة نسب العالم القديم(1:10-32)

هذا الفصل يدقّق في سلسلة نسب الشعوب أكثر من الأفراد, و الترتيب هنا يتكون من ثلاثة أجزاء, ابناء يافث (2-5) وابناء حام (6-20) و ابناء سام(21-31) و قد ذكر هذا الترتيب وفقا للنظام المتبع في سفر التكوين ألا و هو كتابة النسل المختار بعد الأنتهاء من ترتيب الفروع الجانبيه, كما ذكر سلسلة النسب الخاصه بحام مجاوره لتلك الخاصه بسام لأن أولئك القوم كانوا في التاريخ مرتبطين جدا مع نسل سام. لقد وجدت كشوف اخرى قديمه للآشوريين و البابليين و غيرهم من الشعوب القديمه, لكنها ليست شامله كهذا, فكشوف الأمم ليست كامله, و يبدو ان كلاً منها يتضمن اولئك الذين بحث عنهم جامع الكشف, وليس من السهل التحقق من الشعوب الكثيره المذكوره هنا,

لكن بعض الحقائق التى أثير حولها الجدل حينا, اضحت الآن تلقى تاكيدا عظيما نتيجه لأبحاث علم الآثار القديمه. لقد ذكر سكان كنعان هنا ضمن نسل حام لكنهم قد عرفوا دائما في التاريخ بأن اسلوبهم في الحياه كان ساميا,و قد بدأ هذا الوصف التاريخي حينا, و كأنه ينكر تسلسلهم من حام, لكن دراسة الآثار القديمه قد أظهرت بأنهم غالبا ما حصلوا على الصفات الساميه خلال قرون سيادة الهكسوس او غيرهم من الساميين, كما يبدو ايضا ان حقيقة الحدود التفصيليه لأرض كنعان, قد وضعت على اساس الأشارة إلىامتلاك الأسرائيليين لها فيما بعد. لاحظ أن سدوم و عموره كانتا صمن أرض كنعان(عد19) مما يدل قدم تاريخ هذه الكتابه. " ابتداء مملكته" (10) ان الحقائق الجغرافيه المذكوره في هذا الفصل, تؤيدها المخطوطات القديمه, أما بخصوص نمرود فانه لم يعرف عنه ألا القليل, ويبدو ان نمرود بسبب شجاعته " كجبار صيد " (9) قد بسط سطوته على رفقائه وجعلهم يتحدون ليكونوا صورة أعظم للجماعة المنظمة, والعبارة " أمام الرب " (9) يقصد بها صيغة تفضيل قوية. " سام ... أخو يافث الكبير"(21) ان ترتيب الكلمات هنا غير ظاهر, مما يؤدى الى افكار خاطئه, فهذه الجمله تعنى ان " سام... الأخ الأكبر ليافث". " سام ابو كل بنى عابر " (21) ذكرت هذه الملاحظه لأن نسل فالج, الأبن الأكبر لعابر, قد حذفوا من هذا الكشف, وحفظوا للأحصاء في مكان آخر. " فالج لأن في أيامه قسمت الأرض " (25), مع فالج أتي الأنقسام في نسل حام بين ما نسميه نسب إبراهيم, وبين النسب العربي, وبعد هذا مباشرة, يذكر تعداد يقطان اخو فالج, ويبدو انهم أجداد القبائل السامية التي سكنت في العربية . على انهم من المحتمل أكثر, ان " الأنقسام " الذي أشار إليه فالج, هو ذلك الأنقسام العظيم للبشر, الذي حدث عند بناء مدينة بابل وبرج بابل.

برج بابل (1:11-9)

لقد تمت الحوادث المسجلة في هذا الفصل قبل أنقسامات البشر المذكورة في أصحاح 10 والتي كانت نتيجة لها. " لساناً واحداً ولغة واحدة " (1) أي ان الجميع كان يتكلمون بكيفية واحدة في النطق والكلمات. ان الوحدة الأصلية في لغة البشر, ولو انه لا يمكن أثباتها بعد، لكنها محتملة جداً. " شرقاً " (2) شنعار هو نهر دجلة والفرات, وقد كانت منطقة أراراط في شمال غرب شنعار, اذن فما لم تكن الهجرة في طريق دائري, فلابد انها قد أتجهت شرقاً. ان الكلمة العبرية " مقدهم " كلمة مبهمة, وهي مترجمة في تك11:13 " شرقاً " , و يبدو ان هذة ترجمتها هنا. " نشوية " (3) كان الطوب عادة يجفف في الشمس, لكن في بقعة آثار نمرود ما زال يوجد إلى الآن طوب صلب كان أصله محروقاً بالنار, وهذا لا يرينا فقط درجة التقدم التي وصل إليها فن البناء في القديم, لكنه أنما يؤيد صدق هذه القصة. " الحمراء " (3) المذكورة هنا كانت أسفلت. " رأسة بالسماء " (4), كان القصد الأول من المدينة والبرج هو ضمان الدفاع, والسيطرة السياسية (انظر كل العدد) ومن الممكن ايضاً ان البرج كان لغرض ديني ولعلم التنجيم.ةان النص العبري يعني حرفياً " قمته السماء " وهذا قد يعني انه كانت عليه صور وعلامات ابراج النجوم, ورسومات أخرى للسماء,
لكن نظراً لاستعمال هذه العبارة في تث28:1, وايضاً بملاحظة أفتخار البابليين القدماء بأرتفاع معابدهم, فان هذا يجعل الجملة لا تشير بالضرورة الى أي شئ يتعلق بعلم التنجيم.

يبدو ان الله لم يرض عن فكرة الأنسان التي تهدف الى التركيز, لان الدوافع الدفينة لهذا العمل كانت غالباً الأكتفاء الذاتي للبشر والعصيان على الله , ومن المهم جداً ان نلاحظ ان بابل في قصة الكتاب حتي سفر الرؤية, تشير الى فكرة المادية, والأتحاد البشري المركز في عقلية الأنسان في العصيان على الله , وغالباً ما كان الغرض الأول من تحطيم الرب لتلك الخطط البشرية, هو ان نعالج معالجة فعالة الدوافع الشريرة للعصيان, وكان الغرض الثاني هو تتميم مقاصده في جعل البشر يغطون وجه الأرض لأستغلال مواردهاومن الملاحظ ان الرب لم يحطم البرج, لكنه بلبل الألسنة وفرق الشعب, ولا توجد هنا أشارة الى معجزة مفاجئه, فربما تمت بلبلة اللغات نتيجة توجيه إلهي سابق, أونتيجة سرعة الميول الطبيعية للبشر الى تكوين لهجات, أنقسم على اساسها الى فرق متنوعة تختلف في الميول والمصالح. " بابل " (9) لقد اطلق البناؤون المتكبرون على تلك المدينة اسم بابل (باب او دار الله ) لكن الله اخذ كلمتهم, وسخر منهم, اذ نسبهم لمصدر آخر مشابه في النطق, فحملت معني مختلفاً, لقد سماها أيضاً بابل ( بلبله) .

اولاد سام الذين من نسلهم اتى تارح(10:11-26)

ان سلسلة النسب هذه, كغيرها من كشوف الكتاب, ليست بنظام الأرقام الطبيعيه المتتابعه, قارن تك 10:11مع لو36:3 وتأمل حذف كنعان, ثم لاحظ ان تارح هو العاشر في نسل سام كما كان نوح العاشر من آدم, و لقد ذكر في الجزء الأول من سلسلة النسب هذه بتفصيل أكثر في 21:10-25. " عابر"(14) هذا الأسم قد يعنى "مهاجر" أو "شخص من عبر الحدود", وربما دعا " شالح "ابنه بهذا الأسم تذكارا لبعض تنقلات الأسره عبر " الدجلة ", ومن المحتمل ان هذه الكلمه هى الأصل للقب " عبرى " وهو الأسم الذى اطلقه السكان الأصليون لفلسطين على ابرام (أنظر شرح 13:14) فأبرام اذا كان " عبريا"لأنه من نسل عابر, ولأنه هو قد عبر " الفرات ". ان غرض سلسلة النسب هذه, هو الوصول الى قصة تارح و أولاده الثلاثه.

تارح وعائلته(27:11-32)

"اور"(28) هو المكان الذى يطلق عليه العرب الآن اسم " المقّير" وقد كانت غالبا ميناء بحريا في ايام ابرام, لكن طمى النهر في خلال الأربعة آلاف سنه الماضيه قد ردم جزءاً كبيرا من البحر حتى ان الأطلال اصبحت الآن على مسافة في الارض تبعد 130 ميلا. ولقد كشف ليونارد وولى و غيره, الكثير من تفصيلات الحياه القديمه, التى أظهرت عظمة المدينه ." ليذهبوا الى ارض كنعان " (31) هذا يعبر عن القصد الألهى اكثر مما يبين الأراده البشريه فنحن لا ندرى ان كانت هناك اية مصالح لتارح في كنعان, وقد ذكر صراحة في عب8:11 ان ابرام " خرج وهو لا يعلم الى اين يأتى ". قارن تك 1:12. " فأتوا الى حاران " (31) ربما رحل تارح من اور الى حاران في أقصى الشمال الغربى لآشور, تحت ضغط الدافع الدينى الذى كان يجعل عباد القمر يذهبون من احد مراكز العباده الى غيره. " مات تارح في حاران " (32) لقد ذكر كاتب التاريخ هذه الملاحظه الخاصه بموت تارح حتى ينسى تارح الآن, ويبدو ان استفانوس حين ذكر هذه الحوادث (أع4:7) أشار الى ان ابرام لم يترك حاران ألا بعد وفاة والده, على ان الحقيقة هي ان ابرام ترك حاران حين كان عمر والده 145 سنه (انظر 26:11 و4:12) . وقد عاش تارح ستين سنة أخرى بعد ما تركه ابرام (انظر 32:11) . فحديث أستفانوس يقدم مجرد الحقائق بحسب ترتيبها كما ذكرت في سفر التكوين , وليس حسب الترتيب التاريخي للحوادث. قارن طريقة الأشارة المشابهه لذلك الخاصة بملكي صادق في عب3:7

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010