؛؛+؛؛+ صلوات القديسين +؛؛+؛؛

صلوات القديسين
============
للقمص بولا عطية
----------------------

عزيـزى القـارئ ...
كان الصديق مارك وهو من أبناء الكنيسة قد تقابل مع الطبيب المعالج لوالده . فقال الطبيب لمارك : ان والدك قد شفى ، ولم يعد محتاجا الى عملية جراحية ...
لان معجزة الهية قد حدثت له، وزالت أعراض المرض .
ففرح مارك وقال للطبيب : نشكر ربنا على هذة المعجزة، وأكيد هى بصلوات القديسين ، وبشفاعة القديس الشهيد ابى السيفين لانه شفيع والدى .
الطبيب : ثار على مارك وقال ان الله هو الذى شفاه، لا تقل القديسين .فأنت مثل مارجرجس ، ومارمينا ، وابى السيفين ...لماذا لا نلجأ الى الله رأسا ؟!
وهكذا جلس هذا الطبيب - الذى أعتاد على أنكار شفاعة القديسين - مع مارك يحدثه أننا كلنا واحد فى المسيح ، واننا كلنا مثل القديسين بعضنا البعض .ولا ضرورة للتشفع بالقديسين . لانه يوجد شفيع واحد هو الرب يسوع المسيح.
فتقابل مارك مع أبونا الكاهن . وطلب من أبونا قائلا: أريد أن أجلس مع قدسك لاستفسر عن بعض الأمور فى عقيدة كنيستى. و كان رد أبونا لا مانع يا أبنى من ذلك و لكن عن أى شىء تريد أن تسأل … ؟
مارك : مارك : أريد أن اسأل عن أمر هام. الكتاب المقدس يقول على لسان معلمنا يوحنا الرسول " لنا شفيع عند الاب يسوع المسيح البار…… " (1 يو 2:1 ) .
والقديس بولس الرسول يقول أيضا " لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله و الناس. الإنسان يسوع المسيح " ( 1تى2:5 ) . فكيف نقول فى الكنيسة أن فيه قديسين ونطلب شفاعتهم؟!
فرد أبونا : على فكرة لازم تعرف أمر هام جدا، و هو أن هناك فرق كبير و أساسى بين شفاعة المسيح وشفاعة القديسين .شفاعة المسيح كفارية أى انه هو النائب عن جميع البشر فى دفع ثمن الخطية وكأن شفاعته معناها أن يقول للاب السماوى " اترك لهم حساب خطاياهم لأنى حملت عنهم هذه الخطايا مثلما جاء فى (اشعياء 6:53 ) .
لذلك فهو بهذا وسيط بين الله والناس، بل هو الوسيط الوحيد الذى وفىّ العدل الإلهى حقه وأعطى مغفرة للناس بأن مات عنهم كفارة عن خطاياهم. وهذا هو معنى كلام معلمنا يوحنا" أن اخطأ أحد فلنا شفيع عند الاب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا " (1 يو1:2 -2 ).
نلاحـظ عزيـزي ...
شفيع عند الآب " : ... وهو كفارة عن خطايا كل العالم "...
لذلك فهى شفاعة كفارية ويقدمها الابن الوحيد الذى قدم ذاته ذبيحة على الصليب.
مارك : ولكن ما هو الفرق بينها وبين شفاعة القديسين؟
أبونا : شفاعة القديسين فينا مجرد صلاة من أجلنا ولذلك فهى شفاعة توسلية غير شفاعة المسيح. وأذكرك يا مارك بكلمات الكتاب لما بيقول "وصلوا بعضكم لأجل بعض" (يع 16:5) . والقديس بولس يقول "صلوا لأجلنا" (2 تس 1:2) ويقول أيضاً "مصلين بكل صلاة وطلبة لأجل جميع القديسين ولأجلى لكى يعطى لىّ كلام عند إفتتاح فمى" (أف 18:6) . وآيات لا حصر لها فى الكتاب تتكلم عن صلواتنا لأجل بعضنا البعض .
مارك : ولكن الآيات دى تدل على أن الصلوات هى للبشر الذين على الأرض مش للقديسين !!
أبونا : عارف يا مارك الكنيسة زى ما بتؤمن بها هى كنيسة واحدة وكل مؤمن هو عضو فى جسد المسيخ (1 كو 12).
مارك : لأ طبعاً هم ناس وصلوا قبلنا إلى السماء انتصروا على محاربات الشيطان لهم. أبونا : أبونا : برافو يا مارك، لأن هم دول الذين يُسمًّون بالكنيسة المنتصرة… وعلى فكرة أحنا بنصلى لهم كمان فى القداس الإلهى…… تعالى كده إلى المجمع نصلى ونقول "لأن هذا يا رب هو أمر أبنك الوحيد أن نشترك فى تذكار قديسيك…… تفضل يا رب أن تذكر جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء…… العذراء والشهداء والأبرار والقديسين…… إلخ . وكمان أعضاء الكنيسة الذين أنتقلوا حديثاً نذكرهم بعد مجمع القديسين فنحن نصلى لأجلهم فى القداس وهم يذكروننا دائماً أمام الله فى الفردوس .
مارك : ياه !! دى حاجة ماكنتش أعرفها دى صلة قوية جداً. لكن يا أبونا تقدر تقولى أمثلة من الكتاب تبين لى شفاعة القديسين .
أبونا : طبعاً يا مارك الكتاب ملىء بالأمثلة بالكثيرة.

صلوات أحياء على الأرض لأجل أحياء على الأرض
مثــال (1)
الله نفسه بيطلب شفاعة وصلوات القديسين فاكر قصة إبراهيم وإبيمالك الملك. لقد أخطأ أبيمالك وأخذ زوجة إبراهيم وضمها إلى قصره وفعل ذلك بسلام القلب لأن إبراهيم كان قد قال عنها أنها أخته… فظهر الرب لأبيمالك فى حلم وأنذره بالموت. ثم قال له "فالآن رد أمراة الرجل، فأنه نبى فيصلى لأجلك فتحيا". (تك 1:20-7) كان يستطيع أن يغفر للرجل بمجرد انه للمرأة زوجها و لكنه اشترط للمغفرة أن يصلى إبراهيم لأجله فيحيا و هكذا نرى أن الله اشترط و طلب شفاعة إبراهيم فى ابيمالك .

مثــال (2)
فاكر يا مارك قصة أبينا أيوب الصديق و أصدقاؤه الثلاثة دى فى سفر أيوب (إصحاح 42) بنفس الطريقة اشترط الرب شفاعة أيوب الصديق فى أصحابه الثلاثة و صلاته من أجلهم لكى يغفر الرب لهم وفى هذا يقول الكتاب " أن الرب قال لأليفاز التيمانى قد احتمى غضبى عليك و على صاحبيك … و الآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلى عبدى أيوب واصعدوا محرقة . وعبدى أيوب يصلى من أجلكم لأنى ارفع وجهه لئلا اصنع معكم حسب حماقتكم " (أى 7:42 ،8 ) .
فى كلا الحادثين ، الله يكلم الشخص بنفسه ، و لكنه لا يعطيه غفرانا مباشرا و إنما يشترط صلاة القديس من اجله، لكى ينال المخطئ هذا الغفران و لكى يرفع الله وجه هذا القديس و يعطيه كرامة أمام الناس. و يقبل الله هذه الوساطة ، بل يطلبها .

مثــال (3) شفاعة إبراهيم فى سدوم
كان ممكن يا مارك أن ربنا يعاقب سدوم دون أن يتدخل أبينا إبراهيم فى الموضوع ، وعلى فكرة إبراهيم لم يتدخل من نفسه ، ولكن ربنا هو الذى عرض عليه الأمر وادخله فيه، وأعطاه فرصه للتشفع فى هؤلاء الناس وأرانا أن الله كيف يكرم قديسيه كما قال " هل اخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله" (تك 7:18 ) ده حب ربنا لينا نحن البشر .

أبونا : انظر يا مارك فى كتابك المقدس فى سفر التكوين إصحاح 18 تلاحظ معى الرب عرض الموضوع على أبينا إبراهيم و أعطاه فرصة أن يتشفع فيها عسى أن يوجد فى المدينة 50 أو 40 أو 30 أو 20 أو 10 فلا يهلك الرب المدينة من اجل هؤلاء .
نلاحظ أهمية الصلاة من اجل هؤلاء. فهى لها قيمتها التى تدل على إنقاذ الرب لأشخاص من أجل آخرين ، وتعطى دلالة على وساطة الأبرار لأجل الخطاة، وقبول الله هذه الوساطة هى دون أن يطلب هؤلاء و أولئك .

مثــال (4) شفاعة موسى لآجل الشعب (خروج 32)
مثــال (5) شفاعة داود في ابنه سليمان (1 مل 11 : 12 ، 13)
مثــال (6) شفاعة داود في يربعام (1 ملوك 11 : 31 : ، 32)

مارك : إذا كانت هذه شفاعة القديسين الأحياء على الأرض لأجل الأحياء معهم إذن من الأفضل أن نطلب صلوات أولئك الذين " يضيئون كالكواكب إلى الأبد " (دا 3:12). وصلوات " الذين جاهدوا الجهاد الحسن و اكملوا السعى و حفظوا الإيمان"
(2 تى 7:4 ).
أبونا : فعلا يا مارك
مارك : أنا أقول حاجة يا أبونا بعد إذنك . الشخص الذى يرفض صلاة القديسين و يعتبرها إنها وساطة غير مقبولة تكون كل صلاة إنسان من أجل إنسان آخر هى أيضا وساطة غير مقبولة … يعنى انه لا يوجد صلاة لأجل بعضنا البعض كما قال الكتاب المقدس على لسان معلمنا يعقوب (يع 16:5 ) على اعتبار أن العلاقة بين الإنسان و الله علاقة مباشرة و هى فى ظل الحب الإلهى لا نحتاج إلى صلاة من أحد .
أبونا: معلش يا مارك اقطع كلامك و أقول كلمة تعقيب . هو فعلا توجد علاقة مباشرة بيننا و بين الرب يسوع بل علاقة شخصية ، و لكن لا تنافى ولا تعارض مع صلواتنا لآجل بعضنا البعض ، و صلوات القديسين الأحياء فى السماء لأجلنا … بل أن هذه الصلوات تزيد العلاقة قوة اكثر مع الرب يسوع لن الذى يطلب من اجلى هو عضو فى جسد المسيح كما أنا . ولا يمكن أن عضو فى الجسد يريد أن يكون عضوا آخر فى الجسد ميتا . تفضل أكمل حديثك يا مارك .
مارك : أنا عايز أقول أن الذى يرفض صلوات القديسين :
1. نقول لهم هل الكتاب المقدس اخطأ عندما تكلم عن شفاعة بعضنا لآجل بعض ؟! حاشا ذلك طبعاً .
2. معنى أنك ترفض صلوات القديسين فأنت تنكر الحياة الأخرى فى السماء إذ انه لا يعترف بالقديسين انهم أحياء.
3. كمان الذى يرفض الشفاعة هو الحب بين أعضاء الجسد الواحد (الكنيسة) ويحدث هناك فصل بين أعضاء الكنيسة الذين فى الأرض يجاهدون ، و بين الأعضاء القديسين فى السماء المنتصرون .
4. والذى يرفض صلوات القديسين يخسر الكثير من البركات مثل حب القديسين لنا وصلواتهم لأجلنا، بل يضع فاصل بينه و بين القديسين قد تصل إلى حد العداء و الكراهية من جانب الشخص الذى يرفض شفاعة القديسين .
5. كيف سيقابل الشخص الذى يرفض شفاعة القديسين هؤلاء القديسون فى الحياة الأخرى و هم قد رفضوا إكرامهم ورفضوا صلواتهم و شفاعتهم .
6. أيضا يا أبونا أقول أن الإنسان الروحى المتواضع القلب الغير مغرور بصلته الشخصية بالمسيح هو الذى لا يأخذ موقف ضد صلوات القديسين و يقول ما الفرق بينى و بين هؤلاء القديسين. أن معلمنا بولس الرسول يخجلنا عندما يقول " صلوا لأجلنا " (عب 18:13) ولأجل جميع القديسين (أف 8:6 ).
7. أن شفاعة القديسين هى واقع نعيش فيه على مدى الأجيال نرى رابطة عجيبة بين القديسين و بين الأحياء على الأرض ، رابطة بين أعضاء الكنيسة الواحدة المقدسة الذين على الأرض والذين فى السماء .

مارك : معلهش يا أبونا ده استنتاج لشرح قدسك لكلمات الكتاب المقدس .
أبونا : حقاً يا مارك دى ملاحظات هامة جداً وأنا أضيف شىء هام وهو أن معجزات القديسين بتعلن لنا عن علاقة الحب القوية والشفاعة التوسلية بيننا وبين القديسين ويكفى ما حدث ويحدث من معجزات سواء للمسيحيين أو غير المسيحيين، نتيجة صلوات القديسين، وسجلت بأصوات الناس أو بكتاباتهم. وكذلك المعجزات التى حدثت بأسم مارجرجس والملاك ميخائيل وباقى القديسين ... الخ . لكن يا مارك أنا عايز أسألك سؤال ، لماذا هذه الأمثلة الكثيرة التى تسألها فى موضوع شفاعة القديسين ؟!
مارك : أنا أقول لقدسك ، بصراحة يا أبونا قابلنى شخص يقولى إحنا كلنا واحد فى المسيح، و بعدين مرة فى مرة لقيته يهاجم كثيرا من إيمان كنيستى وأعطانى كتب ومن ضمن هذه الكتب كتاب يقول فى تعليقات على صور " لا كنيسة ولا قديسين ولا أى ديانة فى العالم تستطيع أن تخلصك من الذهاب إلى بحيرة النار … يسوع وحده يستطيع ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! "
أبونا : عارف يا مارك العلاقة بين القديسين و الشعب ليس هو معرفة يوم و ليلة إنما هى عشرة زمن طويل وعلاقة لا تستطيع أن تفصلها مثل هذه الكتابات أو الأقاويل، لان الشفاعة هى صداقة بين الشعب عامة والملائكة والقديسين و مهما حاول بعضهم وضع الادعاءات ضد القديسين ، كما قال قداسة البابا شنودة الثالث " لا تجد لها مجالا إطلاقا لأنها تتحدى اعتقادات و مشاعر تجرى فى دم الناس " . ولكن يا مارك لى عليك عتاب وعلى كل شخص مثلك ، فكنيستك الأرثوذكسية هى أمك وعقائدها هى عقائد إنجيلية أى إنها من الإنجيل وموجودة فى الكنيسة منذ القرن الأول للكنيسة . فالمفروض انه عندما يتقابل معك مثل هؤلاء تقول لهم :
أنا اعرف كنيستى أحبها ، أعيش بأسرارها وأتمتع بكتابها المقدس من خلال شرح وتفسير 'لآباء الآباء القديسين . لأن الكتاب يقول " إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن محروما " (غلا 8:1) .
والقديس يوحنا يقول " أن كان أحد يأتيكم و لا يجىء بهذا التعليم فلا تقبلوه فى البيت و لا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك فى أعماله الشريرة " (2 يو 10 ) .
ده كلام الإنجيل يا مارك فأى إنسان يأتيك ليشكك فى كلام الانجيل وعقائد كنيستك التى هى أساسها الكتاب المقدس فيجب علينا أن ننفذ كلمات الوحى الإلهى فى إنجيله المقدس .
مارك : أنا أشكرك يا أبونا على هذه الجلسة و سوف تكون هناك جلسات أخرى للاستفسار عن أمور كثيرة فأرجو أن تصلى لأجلى .
أبونا : وأنا آخذ بركة الحديث معك يا مارك وأطلب منك أيضا أن تصلى لأجلى و لأجل الكنيسة كلها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010