اكتشاف جسد الشهيد القديس سيدهم بشاى

حقاً إن لكل شئ تحت السماء وقت وإن كان الله يطيل أناته علينا فهو لأجل منفعتنا وخلاصنا ، ولقد حان الوقت الذى أراد الله فيه أن يكرم قديسه إذ كان السور البحرى للكنيسة قد تصدع وخشية أن يهدم أشاروا على المتنيح الأستاذ ألفونس نقولا ناظر الوقف أن يسرع بترميمه وكان ذلك يحتاج بحسب أمر مجلس المدينة أن نرجع بالمبنى إلى الخلف بنحو سبعة أمتار بطول السور وإلا فقد أشار المهندس بإمكانية بناء عمارة فى ذلك المكان لتغطية أحتياج المدينة ، وبالفعل أخذنا تصريحاً ببناء العمارة وكان الأمر يحتاج إلى كمية كبيرة من الردم لتعلية المكان فأقترحوا أن يهدموا الخرابات القليلة للكنيسة ليستفيدوا من الردم وقد حدث ذلك فى يوم واحد فإنكشفت المقبرة الخاصة بالشهيد وهى فى نفس المكان الذى كان الخدام يحتفلون فيه بعيد الشهيد وظهر جثمان الشهيد .

ظهر جسد الشهيد وكان مظهره يوحى بأنه حى فكان أول جثمان شهيد فى ذلك الزمان يخرج إلى النور بكامله هكذا ، لقد كانت علامة قوية وواضحة لأول وهلة فتم حمله وإدخاله إلى داخل الكنيسة بسرعة إذ كان السور البحرى مهدوماً والكنيسة مكشوفة للمارة فى الشارع ، وقد وجد جسده متماسكاً تماماً ولم يفقد شيئاً لدرجة إمكانية إيقافه على قدميه وكان لونه مثل لون البشرة العادية عدا ما تهشم من وجهه نتيجة السحل على الأرض أثناء تعذيبه وقبل نياحته ولولا أن قام أحد الأساقفة الزائرين بتطيبه بأطياب حارقة للبشرة لما تغير لونه إلى اللون الأسود ... ظل الجسد موضوعاً على ملاءة كبيرة فى صحن الكنيسة التى كانت تقدم فيها الصوات مرة واحدة فى الأسبوع فقط . فمكثت نحو أسبوع هكذا إلى أن قاموا بفحصه تماماً فى تكتم شديد . وكان ذلك فى عهد مثلث الرحمات الأنبا تيموثاوس .



* تحقيق اكتشاف الجسد :

تكونت لجنة لفحص جسد الشهيد بإشراف كاهن الكنيسة وللتأكد لمطابقته كما جاء بالمخطوطة فأسفرت التحقيقات عما يلى

1- شوهدت آثار كدمات وتشويهات في الوجه نتيجة سحله على الأرض .

2- التواء بالوجه ناحية اليسار وارتفاع في الكتفين بطريقة نتيجة سكب القطران المغالى على رأسه ويبدو أنه تنيح على هذه الحالة مباشرة .

3- خروج جثته من داخل المقبرة عريناً تقريباً ولم يتبق سوى سترة بسيطة من ستر مذهب يبدو أنه كان ملفوفاً فيه بعد نياحته ، كما تذكر القصة أنهم جلدوه وطافوا به عرياناً وقد قدم هذا الستر المذهب ولف به على مثال الشهداء الوطنيين عندما كرموه .

ويبدو أنهم وضعوه فى تابوت فخم لم يتبق منه سوى الجزء الأسفل تحت ظهره وهو عبارة عن خشب متين يبلع سمكة حوالي 2 بوصة .

4- وجدت آثار تقطيع فى فروة الرأس وكذا لحيته اليسرى وشاربه كأنه باليد .

5- شوهد بعض حروق فى أجزاء مختلفة من الجسم على شكل سيور نتيجة سكب القطران عليه.

6- ظهور آثار الكلاليب الحديد فى جنبيه على هيئة فتحات صغيرة .

7- لوحظ أن طول قامته وكبر عظامه تدل على ضخامة جسمه فى الوقت الذى فيه الرقبة قصيرة جداً تكاد تختفى وهى سمات هذه العائلة .

8- وقد حضر هذا الفحص بعض أقربائه وكانوا لا يزالون على قيد الحياة وأقروا بقرب الشبه جداً من سماتهم .

9- مكان المقبرة هو نفس المكان الذى إحتفل فيه الخدام بعيده تكريماً لجسده على مر الأعوام .



* إكتشاف مخطوط يحكى قصته :

ولم ينس الناس ما حدث للقديس سيدهم بيشاى ، بل أخذوا يتحدثون بعظمة الشهيد وتحمله ألوان العذاب بجلد وقداسة . وظلت بعض تفاصيل هذه الحادثة فى مخيلة البعض منهم ... وقد عثرنا على خطابين أثريين دونت فيهما هذه الحادثة .

1- الخطاب الأول :

عبارة عن سرد قصة أستشهاده مكتوبة بخط واضح قديم ، وقد ذكر جناب الأب المتنيح ميخائيل سيداروس أن والده كان قد كتب هذا الخطاب ، ويبدو أن والده القمص يوسف ميخائيل هو الذى قام بكتابته حين طلب إليه أن يكتب تقريراً يقدم للبابا البطريرك ونسخة منه يقدم للوالى . غير أنه ذا أسلوب مهذب مملوء بالروحانية وقد أخذ نصه المؤرخ كامل صالح نخلة ونقله فى كتاب السنكسار تحت اليوم 17 برمهات وهو عبارة عن صفحة ونصف فقط .

2- الخطاب الثانى الآثرى :

عبارة عن أربعة صفحات كبيرة موجهة إلى جناب والى البلاد الخديوى ، وربما يعتبر تسويده فيه بعض الشطب مجمعة من تقارير عدة طوائف تحوى قصص عن الأرمن والروم الأقباط . غير أنه واضح أن كاتبها ليس هو رجل دين لأن فيها ألفاظ لا تليق وشتائم ، لكنها على أى حال وجدت فى منزل المتنيح القمص ميخائيل منذ أيام جده وفيها يصف الكاتب ظروف هذه الحادثة بالتفصيل ... وقد قدم تقرير مفصل للبابا بطرس الجاولى سنة 109م كما قدمت نسخة لجناب الخواجة ميخائيل سرور القنصل وبواسطتها قدم تقريراً إلى والى البلاد محمد على باشا .



* أخبار أنبوبة الشهيد اليوم :

فى عهد نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى حفظه الله لنا قمنا بنقل أنبوبة الشهيد سيدهم بيشاى إلى كنيسة السيدة العذراء بميدان سرور حيث وضعت فى مكان أستشهاده فى مقصورة بداخل صندوق كبير له غطاء زجاجى حتى يتيسر لكل أحد رؤيته والتبرك منه . وهذا المكان قد شاهد فيه القديس السيدة العذراء أمامه متجلية ولا يزال تعمل له التذكارات والأحتفالات فى كل سنة برعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010