الحرية وأنا

سلام الرب لكم :

من أصعب الأمور على البشر الخضوع والطاعة، وقد بدأ التمرد منذ بداية الخليقة حين تمرد آدم وحواء على الله وكسرا الوصية التي كان هدفها فقط امتحان الطاعة. وأحيانا هناك خلط بين الحرية والطاعة ويعتقد البشر أن الحرية تعطي الإنسان الحق في التمرد على القوانين وعلى الضوابط التي تحمي البشرية.

يبدأ مشوار البحث عن الحرية من الصرخة الأولى في الحياة، وكأني بها أتساءل أين أنا؟ ماذا حدث لي؟ كيف أصبحت في عالم لا أدرك ولا أقوى فيه؟ ولكن رويدا رويدا يبدأ باكتشاف عالمه الجديد ويسير باحثا عن حريته. فيبدأ بإعداد حصن لنفسه، أساسه الأنا والانشغال بالذات ومقوماته العقل والتدين. فبالتدين يحاول إرضاء الله وبالعقل يبني برجا حول نفسه ليحميها من أخطار الحياة ويرتفع بها إلى مستوى أفضل من الفوز والنجاح والانتصار، فتبني النفس برجها الجميل من الخارج لتعيش حربها الذاتية من الداخل. ولكن لماذا الحرب وماذا نحارب ؟؟؟ إنها تحارب خوفها وكبريائها وحيرتها لرغبتها في السيطرة الكاملة على حياتها الخاصة، ولأنها لا تريد أن تعترف بأنها مخلوقة وليست مسؤوله عن كل شيء، فيبدأ الصراع. وما لا يدركه الإنسان هو أن صراعه هو مع الله.

بكبريائه وتمرده يرفض مواجهة محدوديته فيريد امتلاك كل شيء وعمل كل شيء وعند عجزه لا يحصل إلا على الشفقه على الذات.

لكني أدعوك أيتها النفس البشرية لتضيفي مقوما جديدا في بناء برجك يختلف تماما عن مقوماتك السابقة، لم تعتادي على استخدامه ولا حتى التفكير به. انه الخضوع! ولكن هدفه يختلف عما يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه الكلمة.. خضوع لا يكسر إرادتك، ولكنه يحررك من كبريائك وخوفك وحيرتك ويستبدل ذلك البرج المتمركز حول الذات إلى أن يخضع لمخلص أخضع نفسه تماما وأطاع حتى الموت موت الصليب لينقلك من عالم الأنا المتمركز حول ذاتك ومن ظلمة عالمك وأفكارك إلى حصن محبته ورحمته العظيمة وخلاصه العجيب، فتقدمين نفسك بكل خضوع وطاعة وثقه لتختبري الحرية الحقيقية، وقد ورد في الكتاب المقدس أن الطاعة والخضوع لله هي أثمن لديه من الذبيحة وهذا ما يؤهل الإنسان ليتمتع بحبه الدائم والحياة الأبدية معه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010