+"+ (( فرجع ألى نفسه )) +"+

فرجع الى نفسه ( لو 15 : 17 )
=====================

تخرج روحه فيعود إلى ترابه ..."(مز146: 4)
--------------------------------------------------

- حقاً حينما تخرج الروح من الإنسان فيعود إلى ترابه ويكون فى حالة موت جسدى أما حينما يرجع الإنسان إلى نفسه يكون فى حالة قيامة روحية من بين الأموات

- فكثيراً ماتنادى يارب قائلاً :"أرجعوا الى أرجع إليكم "(ملاخى3: 7) "توبوا وأرجعوا فتمحى خطاياكم"(أع3: 19) " أرجعوا إلى بكل قلوبكم "(يؤ2: 12)

- بإستمرار أنت تقدم لنا حبك .. تفتح لنا حضنك تسعى إلينا لكى نكون بجوارك .. ترسل لنا كثير من الوسائل والرسائل التى تذكرنا بحبك تكلمنا بانواع وطرق شتى ... أية أيها الرب هذا الحب ! ومن هنا نعرف سر فرح السماء التى تفرح بخاطىء واحد يتوب بل يكون هناك فرح قدام ملائكة الله بخاطىء واحد يتوب .. نعم هى التوبة ولا يوجد غير التوبة تفرح قلب الله ...
ف
- واليوم يارب نحن أمام نموذج فريد من التائبين قد هزنى هزاً وأكثر ما شدنى إليه ما سمعته عنه إنه رجع إلى نفسه !! الوحيد الذى قيل عنه رجع إلى نفسه ! كثيرون أخطأوا ورجعوا وقد يكون رجوعهم بطرق وأنواع شتى أما هذا فرجع إلى نفسه ! واسمحوا لى أن أقترب منه فى إتضاع لكى نستطيع أن نتأمل فيه فنتعلم منه .. ونسأله سؤالاً دار فى ذهنى .. نسأله ليعطينا من خيراته وتجربته ما هو نافع لرجوعنا وتوبتنا ... وليكن سؤالنا إليه .. متى يرجع الإنسان إلى نفسه ؟! فى الحقيقة الإجابة على هذا السؤال تتكون من شقين الشق الأول داخلى وآخر خارجى أو بمعنى آخر قد يكون هناك جانب إنسانى داخلى وآخر قد يكون جانباً إلهياً يسعى فيه الله إلى خلاصك بطرق كثيرة ولنبدأ

أولاً : نشرح ما هى الأسباب الداخلية للرجوع إلى النفس :

1- حينما يشعر الإنسان بخطأه .. تفتكروا معى أول سؤالاً سأله الله للإنسان ! ما هو ؟! " أين أنت "؟!( تك3: 9) فالله سأل آدم لا عن مكانه بل عن حاله !! سأله لكى يعترف بخطأه .. ولكن ... وبنفس الطريق ولذات الهدف قال الرب لقايين " أين هابيل أخوك "(تك4: 9) فبدلاً من أن يعترف بخطأه رد على الله ناكراً مستنكراً كاذباً "فقال لا أعلم أحارس أنا لأخى" (تك4: 9) فأول شىء يجعلنا نرجع لنفوسنا ونسعى لخلاصنا إن أعترفنا بالخطأ وأقول أخطأت .. أنا غلطان !!

2- حينما يقتنع بما فعله .. ليس فقط أن يعترف الإنسان بخطأه بل أيضاً أن يقتنع بما فعله من خطأ وهنا يكون عنده استعداد لتقديم الإعتذارات وتحمل العقوبات والنمو فى الروحيات .

3- حينما يجلس وحده ليس فقط أن يعترف الإنسان بخطأه بل أيضاً لابد أن يجلس وحده مع نفسه فالإنسان مع نفسه لا يجامل ولا يجمل الخطأ – إذ لا يعرف الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه.. مع نفسه يجلس وحده ،يخلو إلى نفسه ،يقنن أخطائه ، يعيد حساباته كما قال بن سيراخ"جيد للرجل أن يحمل النير فى صباه يجلس وحده ويسكت " فالسكوت هنا معناه التأمل ومحاسبة النفس وتقييم الأفعال فيشعر الإنسان بخطأه ويقتنع بما فعل ويعترف به تائباً !

4- حينما لا يستطيع أن يسد أعوازه .. كما قيل عنى :فلما أنفق كل شىء حدث جوع شديد فى تلك الكورة فأبتدأ يحتاج " (لو15 :14) فحينما يشعر الإنسان بالنقص سواء من الناحية الروحية أو النفسية أو حتى المادية قد يكون هذا سبباً من الأسباب التى تجعل الإنسان يراجع نفسه يريد أن يجلس مع نفسه قائلاً لماذا وصلت الى هذه الحالة ، يعمل عملية جرد روحى لحياته وهنا يسمع صوت الملاك قائلاً "لكن عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى فأذكر من ظاين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى " (رؤ2: 5،4)

5- حينما يشعر بفقدان كرامته فحينما تبهت صورته وحينما تضيع كرامته بسبب الخطية .. لأنه هكذا قيل عن الخطية "عار الشعوب الخطية " (أم 14: 34) ويقول النبى أيضاً "إنسان فى كرامة ولا يفهم شىء يشبه البهائم التى تباد " (مز49: 20) أنظروا حالة الإبن الضال حينما فقد مكانه ومكانته وضاعت كرامته "فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازيره وكان يشتهى أن يملء بطنه من الخرنوب الذى كانت الخنازير تأكله فلم يعطه أحد" (لو15: 16،15)! ياللعار !! لذلك رجع الى نفسه !!

6- حينما يتأكد بأن الأحضان مازالت مفتوحة :كم تكون فرحة الخاطىء كبيرة حينما يشعر أن الباب "باب التوبة " مازال مفتوحاً .. كم هو جميل صوت الملاك حينما يرن فى أذنيه "أنا عارف أعمالك هاأنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً "(رؤ3: 8) أو أن تفتح أذانه ليسمع وعود الرب وما أكثرها "تعالوا الى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم "(متى13: 28 )"تشدد وتشجع لا أهملك ولا أتركك "(يشوع1: 5،6) "هوذا على كفى نقشتك"(أش49: 16) فحينما يشعر بأن حضن الأب أكبر بكثير من خطأ الإبن يقوم فى ثقة ويذهب إلى أبيه وهناك يرى المفاجأة "إذ لم يزل بعيداً رآه أبوه فتحنن وركض ووقع علىعنقه وقبله"(لو15: 20) فيصرخ مع داود النبى "أما أنا فحسن لى الإلتصاف بالرب"(مز73: 28) فيرجع إلى نفسه !! حدثتنا عن الجانب الداخلى بالإنسان فما هى الأسباب الخارجية التى قد يستخدمها الله أو يكلمنا من خلالها ليرجع الإنسان إلى نفسه ؟! من تلك الأسباب ؟

1- الإحتياج .. لقد سمح الله أن يوجد الإنسان فى حالة عوز وإحتياج لأننى قد تعلمت أن الحاجة هى أم الطلب !! فلو لم أشعر بالإحتياج لما أطلب !! فقبلاً فى بيت أبى كنت أجلس ويأتى من يخدمنى ويلبى أوامرى كانت لى كرامة عظيمة بين الناس يشار إلى وعلى كلما مررت هنا أو هناك أنفق على الآخرين من مالى . وكما كتب عنى "وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الإبن الأصغر كل شىء وسافر إلى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف ... فلما أنفق كل شىء حدث جوع شديد فى تلك الكورة فأبتدأ يحتاج "تخيلوا معى شدة الإحتياج والعوز التى وصلت إليها ،أحبائى الذين ما أن أنفضت فضتى أنفضوا عنى وأصدقائى ما أن ذهب مالى ذهبوا ،لا أحد بجوارى لا أحد يريد أن يقبلنى ولو أجير عنده وصلت بى الدرجة والحالة أنى لم أجد ما آكله كنت أخدم الخنازير ،ولقد صدق معلمنا لوقا البشير فى وصفه لحالتى خير وصف حين قال "وكان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذى كانت الخنازير تأكله "(لو15: 16) ولهذا رجعت إلى نفسى !!

2- صوت الله ..الله بحبه هو الذى يسعى لخلاص الإنسان .. يكلمه ، يناديه ،لكى يرجع إلى نفسه فيتوب فيغفر له .. يا له من حب .. ما الذى حدث عندما أخطأ أبونا آدم ما الذى فعله حتى يستر نفسه ولكن فيما كان آدم يسعى ليهرب من وجه الرب لاقاه الرب إذكان يتمشى فى الجنة عند هبوب ريح النهار (تك3: 8) فسمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة عند هبوب ريح النهار فأختبأ آدم وإمرأته من وجه الرب الإله فى وسط شجر الجنة فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت .. فقال"سمعت صوتك فى الجنة فخشيت لأنى عريان فأختبأت "(تك3: 8،10)

الله يسمع الإنسان صوته .. ينادى عليه .. يسأله عن حاله .. ما هذا الحب ولماذا ؟ لكى يرجع الإنسان إلى نفسه ! لدرجة أن يقول "أرجعوا إلى أرجع إليكم " (ملا3: 7) فالله هو الذى يبدأ وهو الذى يطلب وهو الذى يدعو بل الأكثر من ذلك يقول "أنا واقف على الباب وأقرع " (رؤ3: 20) فإن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه لذلك أقول " أرجعول إلى " أى أفتحوا أبواب قلوبكم المغلقة دونى " فأرجع إليكم" أى أدخل إلى هذه القلوب التى أخرجتمونى منها برفضكم إياى فى خطاياكم بل يقول أيضاً " تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم "(مت11: 28) "من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً"(يو6: 37) يا له من حب يريد رجوعك إليه .

3- الضيقة .. أحياناً يستخدم الله الضيقة كطريق لرجوع الإنسان إلى نفسه فلنسمع أبونا يعقوب يقول لنقم ونصعد إلى بيت إيل فأصنع هناك مذبحاً لله الذى أستجاب لى فى يوم ضيقتى وكان معى فى الطريق الذى ذهب منه " (تك35: 1-3) والقديس بولس يرى فى الضيقة فيقول "الذى يعزينا فى كل ضيقتنا "(2كو 1،3،4) والقديس لوقا فى سفر الأعمال يوضح لنا أهمية الضيقة فى الرجوع إلى النفس وخلاصها فيقول "وأنه بضيقات كثيرة ينبغى أن نخلص (ندخل ملكوت الله) " (أع14: 22) وأرميا النبى يوضح أهمية الضيقة لأجل فائدتنا فيقول "وأضيق عليهم لكى يشعروا "(أر10: 18) ولقد صدق من قال "من يهرب من الضيقة يهرب من الله" .

4- تأنيب من الخارج .. حينما يبرد الداخل وتنام النفس ويشرب الناس الأثم كالماء .. قد يستخدم الله طرقاً عجيبة فى إرجاع الإنسان عن خطأه حتى ولو أستخدم فى ذلك "أتاناً" وهذا ما حدث فعلاً مع بلعام النبى حيثما كان ذاهب يلعن شعب الله فيقول الوحى "ففتح الرب فم الآتان فقالت لبلعام ماذا صنعت بك حتى ضربتنى الآن ثلاث دفعات" .. لدرجة أن الملاك عاتبه على ذلك ووبخه فقال بلعام لملاك الرب "أخطأت " (عدد22: 22-35) مثال آخر : حينما أخطأ داود النبى .. زنى .. قتل ويمكن أن يكون قد نسى الأمر ولكن الله لا ينسى .. أرسل إليه ناثان النبى لكى يذكره ويوبخه عسى أن يرجع إلى نفسه ويعترف بخطأه وفعلاً كانت نتيجة هذه المقابلة وتلك الجلسة الروحية المثمرة .. أن قال داود معترفاً بخطأه نادماً على ما صدر منه ".. قد أخطأت إلى الرب . فقال ناثان لداود الرب ايضاً قد نقل عنك خطيئتك لا تموت "(2صم12: 1-13 )وهكذا يا أحبائى رأينا محبة الله تسعى إلينا وتهيىء لنا الفرص لكى يرجع كل واحد منا لنفسه حقاً ما أجمل الرجوع للنفس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010