محبة العالم

"لا تحبوا العالم ولا الاشياء التي في



العالم. إن احب احد العالم فليست فيه محبة الاب. لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الاب بل من



العالم. والعالم يمضي وشهوته واما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الابد".1 يوحنا2 : 15-17

محبة



العالم
جذابٌ هذا العالم الذي نحيا فيه، ساحرٌ فكيف لا نحبه؟ سموات وبحار واسعة، شواطئ دافئة تستفزنا الا نبالي بالسفر والتجوال



والتحسر على رفاهية مكلفة. بيوت مملكات قائمة بذاتها، سيارات من داخلها العالم غير عالم فكيف نكبر عن نشوة الامتلاك. فنون تسحرنا،



لوحات وجواهر وثياب، فكيف نكبر فوق الحاجة ما دامت العين ترى فيسكر الفؤاد رغبة.

الجمال طمأنينة، والمال طمأنينة



والسلطة طمأنينة. ولكل منهم سلطان. فالجميل العارف مكامن جماله يقيم سلامه مع نفسه ومع العالم من خلال ما تعكسه مرآته ونظرات من



يأخذهم الجمال. في كل نفس شهوة للجمال، وقليلون هم الذين يعرفون مقاييس الجمال خلافاً لما تعكسة لوحة من الزجاج المطلي.





صاحب المال غني. غني عن اي حاجة لان في اعتباراته كل حاجاته هي في قبضة ماله. الجمال يغريه المال، والمال



يشتري ويصنع الكثير من الجمال. السلطة "أنا" منتشية من ذاتها ومن العالم. هي الامتلاك قوةً، التحكم قوةً



والتغييرقوةً، وهي ضعف المال والجمال.

كيف نحيا بعد في هذا العالم ولا تغوينا اشياؤه واحلامه؟ كيف نقاوم الجمال حين



يسمرنا؟ كيف نرتفع عن سلطان المال وهو يشتري كل ما يمكن للعالم ان يبيع؟ كيف نمتد ابعد من جاذبية السلطة وفيها الذات تكتفي من ذاتها، لا



حاجة لها للاخرين والكل بحاجة اليها. نركن الى زوايانا حيث الكل غائب ولكن الله لا يغيب، نقييم ذواتنا والاخرين فننتفخ انجازاً او نكتئب احباطاً



من خلال معادلة ما نساويه في نظر الاخرين وما هي حاجة الاخرين الينا ولدينا. الكل غائب ونحن في حضرة من في يده كل سلطان على الارض



وفي السماء ولسنا نطلب الا مجد الناس. يوحنا12 : 43

ما تشتهيه عيوننا هو في هذا العالم ، ما تشتهيه اجسادنا هو في



هذا العالم وما تشتهيه نفوسنا هو في هذا العالم. كنوزنا في العالم والله يعلم انه حيث تكون كنوزنا هناك ايضاً تكون قلوبنا متى 6 : 21لذلك هو



يوصينا الا نحب العالم لئلا تنزرع قلوبنا فيه وتثمر فيه لان ثمر هذا العالم يبقى في هذا العالم، ومجد هذا العالم هو لهذا العالم. وحدها الروح تعبر



وادي الموت بكل ممتلكاتها، وممتلكات الروح ليست من نتاج هذا العالم لأن شهواتها ليست مما يقدر العالم ان يعطي. الروح لا تشتهي الا البِر



فتثمر محبة، فرح، سلام، طول اناة، لطف، صلاح، ايمان، وداعة وتعفف غلاطية 5 : 22-23

المحبة عندما ترتفع فوق



شهوة الجسد فهي كاملة لا تعثر ولا تسقط. الفرح الذي لا يمكن للعالم ان يلوثه هو الفرح الآتي من الداخل، وسلام القلب يتغلب على كل حروب



الخارج . الصلاح استثمار يمتد ابداً الى الاعلى والايمان يرفعنا فوق كل ضعفاتنا والوداعة والتعفف هي الصفات الاقرب الى قلب الله.





عندما نتعب من شهواتنا او هي تتعب منا- والكل سيتعب اختياراً ام قسراً- يمضي العالم عنا بحثاً عن اجساد ما زالت



شهواتها في الجسد، ونمضي الى حيث ليس الا للروح رصيد، هناك حيث المال لا يشتري ولا الجمال يغوي وما من ملك الا في مجد



الرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010