+؛؛؛+؛؛؛+ (( أكرام الصليب )) +؛؛؛+؛؛؛+

إكرام الصليب
============
للقمص بولا عطية
----------------------------

كان مارك جالساً مع مجموعة من زملاءه فى الكلية وكان من بينهم بعض الاخوة البروتستانت وكانوا يتفقون للذهاب إلى نزهة، ولكن اعتذر مارك بحجة انه سوف يذهب إلى للكنيسة لحضور عشية عيد الصليب ، فتذمر بعض زملاءه البروتستانت واخذوا فى تشكيكه فى أهمية الصليب ودوره القوى فى حياتنا نحن المؤمنين ، حيث قالوا انه لابد أن نكتفى بأيمان قلوبنا بالصليب فنحن لسنا فى حاجة إلى رشمه أو استخدامه فى أى طقوس كما لا يلزم تعليقه على الكنائس أو على صدورنا ولا يصح أن تقام أعياد للصليب فما حاجتنا للاحتفال بقطعة من الخشب أندهش مارك من هذا الكلام واضطرب فى داخله ولكنه كان هادى الطباع متمسك برأيه فأصر على الذهاب إلى الكنيسة وحضور العشية ، وبعد انتهاءها طلب مارك من أبونا أن يتحدث معه فى أمر يمس عقيدتنا الأرثوذكسية فوافق الأب الكاهن حيث شعر بأضطراب مارك ، ودار بينهم الحوار الآتى:

أبونا : أهلا يا مارك أهلا بأسئلتك . يا ترى هاتسأل عن إيه النهاردة ؟
مارك : موضوع مهم جداً يا أبونا .
أبونا : خير يا مارك ، أتفضل أتكلم
مارك : لماذا نرشم علامة الصليب ؟
أبونا : فى رشمنا إلى الصليب فنحن نعلن تبعيتنا للمسيح وإيماننا به جهاراً فنحن لا نستحى بصليب المسيح بل نفتخر به أمام الناس ، فبرشم الصليب نشير إلى ثلاث عقائد تؤمن بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهى :
1- الثالـوث " الأب والابن والروح القدس "
2- التجسـد " أن نرشم الصليب من فوق إلى تحت إذ نتذكر الله نزل من السماء إلى الأرض "
3- الفـداء " إذ نرشم الصليب من الشمال إلى اليمين ونتذكر إن الله نقلنا من الظلمة إلى النور ومن الموت إلى الحياة " وفى رشمنا للصليب نبشر بموت المسيح وهذه هى وصية الرب لنا أن نبشر بموته حتى مجيئه الثانى وفى رشمنا للصليب نتذكر إن عقوبة الخطية هى موت وذلك كما جاء فى " أف 5:2 "
(نحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح) حيث مات المسيح عن خطاينا أعطانا الحياه على خشبة الصليب ، وفى رشمنا للصليب أيضا نتذكر محبة الله لنا "إن الله بين محبته لنا لأننا ونحن بعد خطاه مات المسيح لأجلنا وصولحنا مع الله بموته" " رو 8:5" .
وفى رشمنا للصليب نمنح قوة كما جاء على لسان بولس الرسول "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة ، أما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله" " اكو 18:1" بالإضافة إلى انه عند رشم الصليب يقهر الشيطان لان الصليب هو سلاح الغلبة والانتصار عليه .
مارك : لماذا تكرم الكنيسة الصليب وتقيم له احتفالات خاصة ؟
أبونا : إن السيد المسيح له المجد فى بداية خدمته ركز على أهمية الصليب حيث قال : " من لا يأخذ صليبه ويتبعنى لا يستحقنى " "مت38:10 .
" إن أراد أحد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " " مت 24:6 " .
" من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى ، لا يقدر أن يكون لى تلميذا " " لو 27:14 " .
فأن كان المسيح بذاته أشار إلى أهمية الصليب أفلا يجب أن تحرص الكنيسة على تكريمه ونحن نكرم الصليب أيضا لأنه موضع سرور للآب حيث تقبل الأب المسيح على الصليب بكل سرور كذبيحة للخطية "رائحة سرور الرب " " لا 9:1" وجاء فى اشعياء النبى " أما الرب فسر أن يسحقه للحزن " " أش 10:53" ففى كل مرة ننظر للصليب نتذكر كمال طاعة الابن إلى الأب حتى الموت وكذلك أيضا بالنسبة للابن المصلوب الذى قيل عنه " من اجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" " عب 2:12" ولذلك تقوم الكنيسة بتكريم الصليب .
مارك : هل كان الصليب موضع تكريم من آباء الكنيسة الأوائل؟
أبونا : بالطبع ، فلقد كان الصليب موضع تكريم من الملائكة والرسل ، فعندما خاطب الملاك المبشر بالقيامة المريمات قال " إنكما تطلبان يسوع المصلوب . ليس هو ههنا ، لكنه قد قام كما قال " "مت 5:28" وهكذا سماه بالمصلوب مع انه قد قام وكذلك يظهر تكريم آبائنا الرسل للصليب فى كرازتهم فمثلاً فى كرازة القديس بطرس قال لليهود " يسوع الذى صلبتموه انتم " وكذلك نجد فى كرازة القديس بولس الرسول حين قال " حاشا لى أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا للعالم " " غل 14:6 " . " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى " "غل20:2" . "والذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" "غل 24:5" . "لأنى لم اعزم أن اعرف شيئاً بينكم ، إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً " "1كو 2:2" . وهنا يعتبر الرسول الصليب جوهر المسيحية وهكذا يظهر بوضوح إن الصليب كان موضع فخر وتكريم للرسل .
مارك : لماذا يستخدم الصليب فى الأسرار المقدسة ؟
أبونا : كان العالم كله واقعاً تحت حكم الموت بسبب الخطية ولكن على الصليب حمل المسيح لعناتنا وأعطانا بركة الحياة ، لذلك استخدم رجال الدين الصليب فى منح البركة ، ولان كل الأسرار المقدسة هى منح وبركات نابعة من استحقاقات دم المسيح على الصليب لذلك نستخدم الصليب فى الأسرار المقدسة . لولا الصليب ما كنا نستطيع التمتع ببركات الأسرار المقدسة ، ونحن فى قطع صلاة الساعة السادسة نقول (يا من فى اليوم السادس وفى الساعة السادسة سمرت على الصليب من اجل الخطية التى تجرأ عليها أبونا آدم فى الفردوس مزق صك خطايانا أيها المسيح إلهنا وخلصنا ) القطعة الأولى .
(يا يسوع المسيح ألهنا الذى سمرت على الصليب فى الساعة السادسة وقتلت الخطية بالخشبة وأحييت الميت بموتك) القطعة الثانية .
مارك : ألا يكفى أن نؤمن بالصليب داخل قلوبنا دون الحاجة إلى الحاسة الجسدية فى استخدامه ؟
أبونا : إن الإنسان لا يتكون من روح فقط أو عقل فقط بل أيضا من حواس جسدية ، كما إن ليس جميع الناس فى مستوى روحى واحد لا يحتاجون فيه إلى حواس ، فعن طريق الحواس يتذكر الإنسان ما يختص بالصليب والمصلوب وهكذا نعبد الله روحاً وعقلاً وجسداً وهنا تظهر أهمية إشراك الحواس الجسدية فى العبادة .
مارك : هل هناك ما يرمز لصليب المسيح فى العهد القديم؟
أبونا : لقد أمر الله موسى النبى بصنع الحية النحاسية ليتطلع إليها كل من لدغته الحية فيشفى من سمها القاتل وهذه إشارة صريحة وواضحة عن صليب المسيح وهكذا نحن فى العهد الجديد كل من يقع فى الخطية وينظر بإيمان إلى الفادى المرفوع على الصليب يحيا ولا يموت بخطيته كما جاء فى "يو14:3" " وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الإنسان لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية "
مارك : متى بدأ استخدام الصليب كوسيلة للعقاب ؟
أبونا : يشير الكتاب المقدس إلى أن القدماء المصريين من أوائل الشعوب التى استخدمت الصليب كأداة للعقاب ونقلها عنهم أهل قرطاجة والفرس وبقية الشعوب.ويذكر الكتاب المقدس أن الصليب استخدم قديماً كأداة للانتقام من الظالمين والمجرمين فقد قال الله لموسى " إذا كان على إنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه فى ذلك اليوم لان المعلق ملعون من الله " " تث 22:21" وقد طبق هذا الأسلوب على بنى إسرائيل .الذين زنوا مع بنات موآب وسجدوا لأوثانهم ، ومن الشخصيات التى ذكرت فى الكتاب المقدس وكان عقابها بالصلب (هامان الوزير الفارسى) لشعب الله المسبى " فقال الملك احشويروش لاستير الملكة ومردخاى اليهودى هوذا قد أعطيت بيت هامان لاستير أما هو فقد صلبوه على الخشبة من اجل انه مد يده إلى اليهود " "اس7:8" ، وهكذا كان استخدام الصليب كأداة للتعذيب والعقاب إلى أن جاء المسيح وحمله وصلب عليه، وقد اصدر الإمبراطور قسطنطين البار أمرا بإلغاء الصلب كوسيلة للتعذيب إكراما وتوقيراً لصليب رب المجد .
مارك : كيف تم العثور على صليب السيد المسيح ؟
أبونا : بعد صلب المسيح وقيامته قام اليهود المتعصبين بردم قبر المخلص ودفن الثلاثة صلبان تحت كميات كبيرة من القمامة لاخفاء معالمه نظراً للمعجزات التى كانت تحدث بجوار قبر المخلص ، ولما آمن الإمبراطور قسطنطين بالمسيحية نذرت أمه القديسة هيلانة أن تذهب إلى أورشليم لنوال البركة من الأراضى ولما وصلت سألت الأهالى أن يدلوها عن مكان الصليب لتكريمه فلم يخبرها أحد ولكن البعض أشار عليها برجل طاعن فى السن يدعى (يهوذا) ربما يعرف مكانه فلما سألته أنكر فى بادئ الأمر ولما ضيقت عليه الخناق ، ارشد إلى مكانه وهو بالقرب من تل الجلجثة فأمرت بسرعة بتنظيف المكان وتم العثور على ثلاثة صلبان خشبية ولما لم يستطيعوا تمييز صليب رب المجد اقترح القديس كيرلس بطريرك أورشليم بأن يختبروا فاعلية الصليب ، ولذلك احضروا ميت ووضعوا عليه أحد الصلبان فلم يحدث شئ وعند الصليب الأخير قام من الموت ومجد الله ثم ركض ثانياً وبذلك توصلوا إلى معرفة صليب السيد المسيح وانشاءت الملكة هيلانة كنيسة فى الموضع الذى عثروا فيه على الصليب وتسمى (كنيسة القيامة) ونحنوا نحتفل بعيد الصليب فى يوم 17 من توت حيث اكتشف ونحتفل أيضا بعيد الصليب فى 10 من برمهات حيث عودة الصليب بعد اختفاءه .
مارك : وماذا عن قصة اختفاء الصليب ؟
أبونا : عندما كان الإمبراطور البيزنطى هرقل يهاجم الفرس وفى طريق تقهقرهم إلى القدس دخل أحد الأمراء إلى كنيسة القيامة فوجد نور منبعث من قطعة خشبية فمد يده ليلمسها فخرجت منها نار كالكهرباء أحرقت أصابعه ولما سأل عن السبب اعلمه المسيحيين أن هذه القطعة هى قاعدة الصليب ولا يلمسها سوى المسيحيين فأمر مجموعة من الشمامسة بنقل الصليب فى الصندوق إلى بلاد فارس، وهناك أمر الأمير بوضع الصندوق فى حفرة فى بستانه وقام بردم الحفرة وقتل الشمامسة حتى لا يعرف أحد مكانه ولكن كانت هناك فتاة صغيرة ابنة أحد الآباء الكهنة مسبية فى قصر الأمير فرأت ما حدث عندما قام الإمبراطور هرقل بمهاجمة بلاد الفرس لاسترداد خشبة الصليب دلتهم هذه الفتاه على مكانه وقد اخذ الإمبراطور القطعة الغالية من صليب المسيح وعاد بها إلى القسطنطينية .
مارك : أود أن أعرف عن بعض معجزات صليب السيد المسيح؟
أبونا : يروى لنا السنكسار انه فى عهد البابا الأنبا ثاؤفيلوس البطريرك كان فى الإسكندرية رجل يهودى غنى جداً وكان يتبع شريعة المسيح وكان هناك شاب مسيحى فقير فى المال وفى إيمانه بالمسيح فقرر الذهاب للعمل لدى الرجل اليهودى ، فرفض اليهودى وقال إننى لا اقبل أن يعاشرنى إلا من يدين بدينى – فقال الشاب خذنى عندك وأنا اعتنق دينك وافعل ما تأمرنى به – فأخذ اليهودى هذا الشاب أمام المجمع اليهودى وقص عليهم ما حدث – فقال رئيس المجمع أتجحد مسيحك وتصير يهودياً مثلنا – فأجاب الشاب نعم – فأمر رئيس المجمع بأن يصنعوا صليب وأتوا به أمام الشاب وقدموا له إسفنجية مملؤة خلاً وحربة وقال ابصق على الصليب وقدم له الخل واطعنه بالحربة وقل طعنتك أيها المسيح – ففعل الشاب كما قيل له وعندما طعن الصليب سال منه دماً وماء وسقط الشاب ميتاً على الأرض وجسده كالحجر فأمن الواقفين بالمسيح واخذوا من الدم والماء لنوال البركة هم اخذ الرجل اليهودى بعض من قطرات الدم والماء ورشها على وجه ابنته حيث كانت عمياء فأبصرت فى الحال فأمن هو وأهل بيته وهناك العديد من قصص الشهداء التى تتحدث عن قوة وفاعلية الصليب فى الانتصار على الشر ومن اشهر هذه القصص ما جاء فى سيرة أمير الشهداء مارجرجس الرومانى عندما قدم إليه كأس مملوء سماً يشربه وهو مكتوف الأيدى فرشم الصليب بفمه من الأربع جهات على الكأس ثم تناوله فلم يضره ، ومن اشهر القصص التى تشير إلى تمسك القديسين بالصليب إن القديس العظيم الأنبا آبرام كان يرشم الصليب على كل شئ بأستمرار وكان يسخر منه الكثيرين بسبب الجهل بفاعلية علامة الصليب المقدسة وفى إحدى المرات قالوا له انه يقف فى صالة منقوش علي بلاطها عدة صلبان وهو يدوس عليها بقدميه فرد القديس بحكمة بالغة وقال هناك صليب ينباس (صليب المسيح الفادى) وصليب ينداس (صليب اللص الشمال) وصليب يوضع فوق الرأس(صليب اللص اليمين) وهنا يظهر حرص رعاة كنيستنا على التمسك بالصليب وهناك العديد والعديد من المعجزات التى تمت بفعل الصليب ولو ذكرت كل واحدة تحتاج إلى مؤلفات لتدوينها .
مارك : أشكرك يا أبونا واشكر تعب محبتك معى والإجابة على الأسئلة دى كلها أنا ارتحت جداً وفهمت دلوقتى أهمية الصليب فى حياتنا، أنا كنت مضطرب من الحديث الذى دار حول موضوع تكريم الصليب ورأى زملائى البروتستانت فى هذا الموضوع ، وقلت لازم لابونا بسرعة علشان افهم الهدف من رشم الصليب واستخدامه فى الكنيسة .
أبونا : أهنئك يا مارك على حسن تصرفك وتمسكك بمبادئ كنيستنا وسعيك الدائم لفهم إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتذكر يا مارك ما جاء فى الكتاب المقدس . " أما المباحثات الغبية والأنساب والخصومات والمنازعات الناموسية فأجتنبها لأنها غير نافعة وباطلة " .
مارك : سلام يا أبونا ، إذكرنى فى صلواتك .
أبونا : صلوات القديسين ، سلام يا مارك .
+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+:+
+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+؛+

+*+*+*+ ( كل سنة وانتم طيبين بعيد الصليب ) +*+*+*+*+
+::+::+::+::+::+::+ ( 19 مارس ) +::+::+::+::+::+::+

+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+×+
+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+"+

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010