العذراء مريم فخر ورائدة البتولية

العــذراء مريـــم

فخــر ورائــــدة البتوليـــــة

البخور المختـــــار ، الذى لبتوليتك ، صعـــــد إلى كرسى الآب ....  مباركـــــة أنت يـــــامريم ، ومباركــــة ثمرتك ، أيتهـــــا العذراء ...  أم اللـــــــه ، فخــــــر البتوليـــــــة ،،،،،،
إن سيرة القديسة الطاهــرة مريم والدة الإله ليست بالسيرة العادية البسيطة لكل إنسان
 لما احتوته من أحداث عظام فريدة من نوعها ،  رفعتها لتصير حديث وفخر وتطويب الأجيال … كيف قضت عذراء الدهور حياتها من أعماق إلى أعماق لا ينطق بها من قبل البشارة بالميلاد البتولى من الروح القدس ، ثم بعد البشارة وحملها للجنين الإلهى ،  وبعد الميلاد وهى ملاصقة لسر التجســـد العجيب الذى خرج إلى العالم من بين يديها وأمام عينيها ، وتمم الفداء وخلاص البشرية وهى محتفظة ومتأملة به فى قلبها وحدها ؟!!
لا يوجد فى لغة البشر ما يمكن أن يصفه لأنه مذهـــل لعقول الفهماء …
" حينما أريد أن أتأمل فى والدة الإله .. يأتى صوت صارخ فى أذنى .. لا تقترب إلى هنا .. الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة .. " ( الأنبا ساويرس الأنطاكى )
الســيـدة العــذراء
مقدمة : لا توجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء واهتم بها الكتاب مثل مريم العذراء ... رموز عديدة عنها في العهد القديم  وكذلك سيرتها وتسبحتها والمعجزات في العهد الجديد.
وما أكثر التمجيدات والتأملات التي وردت عن العذراء في كتب الآباء ... وما أمجد الألقاب التي تلقبها بها الكنيسة، مستوحاة من روح الكتاب.
إنها أمنا كلنا وسيدتنا كلنا وفخر جنسنا الملكة القائمة عن يمين الملك العذراء الدائمة البتولية الطاهرة المملوءة نعمة القديسة مريم، الأم القادرة المعينة الرحيمة أم النور، أم الرحمة والخلاص، الكرمة الحقانية.
هذه التي ترفعها الكنيسة فوق مرتبة رؤساء الملائكة فنقول عنها في تسابيحها و ألحانها:
علوت يا مريم فوق الشاروبيم وسموت يا مريم فوق السيرافيم.
لم توجد إنسانة أحبها الناس في المسيحية مثل السيدة العذراء مريم...في مصر غالبية الكنائس تحتفل بعيدها.
وفي الطقوس ما أكثر المدائح والتراتيل والتماجيد والابصاليات والذكصولوجيات الخاصة بها وبخاصة في شهر كيهك ولها عند إخوتنا الكاثوليك شهر يسمي الشهر المريمي.
وفي أديرة الرهبان في مصر يوجد علي اسمها دير البراموس ودير السريان ودير المحرق.
ويوجد دير للراهبات علي اسمها في حارة زويلة بالقاهرة وما أكثر الأديرة والمدارس التي علي اسمها في
كنائس الغرب.
ومن أشهر كنائسها كنيسة الدير المحرق التي دشنت في عهد البابا ثاؤفيلس 23 في بداية القرن الخامس.
وكذلك الكنائس التي بنيت في الأماكن التي زارتها في مصر.

فضـائل السـيدة العــذراء
1 - حياة الإتضاع
2 - حياة التسليم
3 - حياة الإحتمال
4 - حياة الإيمان والصلاة والتأمل
5 – حياة الوداعة وعدم التذمر
6 – حياة الصمت والتسبيح القلبى الدائم
فضائل أخري:   لقد اختار الرب هذه الفتاة الفقيرة اليتيمة لتكون أعظم امرأة في الوجود وكانت تملك في فضائلها ما هو أعظم من الغني . من فضائلها أيضا قداستها الشخصية، وعفتها وبتوليتها، و معرفتها الروحية، وخدمتها للآخرين وأمومتها الروحية للآباء الرسل. ... ويعوزنا الوقت أن تحدث عن كل فضائلها ...
حياة الوداعة وعدم التذمر فى حياة السيدة العذراء
كانت السيدة العذراء مثالا لحياة الوداعة :
عاشت حياتها فى طاعة كاملة ووداعة وعدم تذمر .... حتى فى أصعب اللحظات عندما تركوا تلاميذ المخلص إبنها وهربوا عند الصليب ، لم تحتج أو تعاتب بل عاشت معهم فى حياة تسامح ومحبة وتسبيح وصلاة ...
حياة الوداعة للسيدة العذراء كانت ناتجة عن حياة الإيمان الثابت ، والتسليم الكامل لإرادة الله .
حياة الإيمان : أمنت بأن "القدوس المولود منها هو ابن الله" (لو 1 : 35). علي الرغم من ميلاده في مذود وتحقق لها ما آمنت به عن طريق ما رأته من رؤى ومن ملائكة ومن معجزات تمت علي يديه، آمنت بكل هذا علي الرغم من كل ما تعرض له من اضطهادات ... أمنت به وهو مصلوب. فرأته بعد أن قام من الأموات.
+ في كل ما احتملته لم تتذمر إطلاقاً وفي تهديد ابنها بالقتل من هيرودس وفي الهروب إلي مصر وفي ما لاقاه من اضطهاد اليهود ؛ لم تقل وأين البشارة بأنه يجلس علي كرسي داود أبيه ليملك ... ولا يكون لملكه نهاية (لو 1 : 32 ، 33). بل صبرت كما قالت عنها أليصابات "آمنت بأن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 1 : 45).
أمنت بأنها ستلد وهي عذراء وتحقق لها ذلك.
حياة التسليم : لقد عاشت قديسة طاهرة في الهيكل.. ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من الهيكل. فلم تحتج ولم تتذمر، ولم تعترض، مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة. فيتذمرن، ويجادلن كثيرًا في  احتجاج..! 
+ وكانت تريد أن تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقضي التقاليد في أيامها.. + فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل، مثلما قبلت الخوج من الهيكل... 
+كانت تحيا حياة التسليم، لا تعترض: ولا تقاوم، ولا تحتج...بل تسلم لمشيئة الله في هدوء، بدون جدال. 
+ كانت قد صممت على حياة البتولية، ولم تفكر إطلاقًا في يوم من الأيام أن تصير أمًا. ولما أراد الله أن تكون أمًا، بحلول الروح القدس عليها (لو1: 35) لم تجادل، بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك".. لذلك وهبها الله الأمومة، واستبقى لها البتولية أيضًا، وصارت أمًا، الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقًا.. بالتسليم، صارت أمًا للرب.. بل أعظم الأمهات قدرًا.
+وأمرت أن تهرب إلى مصر، فهربت... ثم طلب منها أن ترجع من مصر، فرجعت. وأمرت أن تنتقل من موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة، فانتقلت وسكنت.
كانت إنسانة هادئة، تحيا حياة التسليم، بلا جدال. لذلك فإن القدير صنع بها عجائب... إذ نظر إلى اتضاع أمته.
 عاشت السيدة العذراء حياتها بلا تذمر .. لأنها عاشت حياة الأتضاع الكامل :
كان الإتضاع شرطا أساسيا لمن يولد منها رب المجد. كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها ... مجد حلول الروح فيها ومجد ميلاد الرب منها ... مجد جميع الأجيال التي تطوِّبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي" (لو 1: 43، 48) كما تحتمل كل ظهورات الملائكة وسجود المجوس أمام ابنها والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر بل نور هذا الابن في حضنها. لذلك كان "ملء الزمان" (غل 4 : 4). ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها.
وقد ظهر الإتضاع في حياتها: 
+ بشرها الملاك بأنها ستصير أماً للرب ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38). أي عبدته وجاريته والمجد العظيم الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقا من تواضعها. بل إنه من أجل هذا التواضع منحها الله هذا المجد إذ "نظر إلي اتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو 1: 48 – 49).
+ وظهر اتضاع العذراء أيضا في ذهابها إلي أليصابات لكي ما تخدمها في فترة حبلها فما أن سمعت أنها حبلي وهي في الشهر السادس حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال وبقيت عندها ثلاثة أشهر حتى تمت أيامها لتلد (لو 1 : 39- 56). فعلت ذلك وهي حبلي برب المجد، الســـــــــــلام لك يا مريم والدة الإله ، .........
السلام لك يا مريم أم يسوع المسيح ...السـلام لك يا مريم الحمامة الحسَنة ... الســـــــــــلام لك يا مريم أم ابن الله .
+ إن صوم العذراء ليس هو المناسبة الوحيدة التي تحتفل فيها الكنيسة بأعياد العذراء، وإنما يوجد بالأكثر شهر كيهك الذي يحفل بمدائح وتماجيد وابصاليات للعذراء مريم القديسة. وصوم العذراء يهتم به الأقباط في مصر، وبخاصة السيدات، اهتمامًا يفوق الوصف. كثيرون يصومونه (بالماء والملح) أي بدون زيت... وكثيرون يضيفون عليه أسبوعًا ثالثًا كنوع من النذر. ويوجد أيضًا من ينذر أن يصوم انقطاعًا حتى ظهور النجوم في السماء...
" تعظم نفسى الرب .. وتبتهج روحى بالله مخلصى .. لأنه نظر إلى اتضاع أمته . فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى .. لأن القدير صنع بى عظائم وأسمه قدوس . ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه .. صنع قوة بذراعه ، شتت المستكبرين بفكر قلوبهم . أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين .. " [ لو 1 : 46 – 55 ]
فضيلة الصمت والتسبيح القلبى الدائم : ما أعجب هذه القديسة البارة ، كان الصمت هو فضيلة عظيمة عندها ، خصوصا فى ظروف صعبة لا تحتمل الصمت وهى ترى القديس يوسف النجار فى حيرة كبيرة من أمرها !!
كان يمكنها أن تتكلم لتدافع عن نفسها وهذا من حقها .. ولكنها فضلت أن تصمت ليتكلم الله ! وعندما تتكلم تنطق بأروع التسابيح : "تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحى بالله مخلصى ، لأنه نظر إلى اتضاع أمته ، فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى ...... " ( لوقا 1 : 46 )
+        +        + 
العـــــذراء الخادمـــة
خدمت السيدة العذراء فى كل موضع تواجدت فيه : 1 - فى الهيكل : أ – كانت لها خدمتها المبكرة ، بالقدر الذى يسمح لها به وقتها وإمكانياتها كفتاة ، وبحسب متطلبات الخدمة ، وعلى ضوء توجيهات الكهنة . ب – وكانت لها خدمتها للفقراء ، وعلى الأقل كانت تعطى من طعامها لهم . 2 - فى بيت القديس يوسف : أ – كانت تخدم خطيبها ، فتجهز لـه طعامه ، وتغسل ملابسه ، وتنظف مسكنه .
ب – وكانت تقوم بالأعمال اليدوية لصالح الهيكل من حياكة وغيرها ، كما يذكر التقليد . ج – هذا بالإضافة إلى خدمتها بقدوتها الصالحة التى قطعا أثرت بها فى بعض جيرانها . 3 - فى بيت أليصابات لم ترجع السيدة العذراء مباشرة بعد أن هنأت أليصابات ، وإنما مكثت عندها ثلاثة أشهر تخدمها فى حبلها وضعفها . 4 -  فى التجسد ومع ابنها : أ – حبلت بالمخلص وولدته ، وقمطته ، وأرضعته . ب- وقدمته فى اليوم الثامن للختان ، الفريضة التى قضت بها الشريعة ، برغم أنه هو الله واضع شريعة الختان [ لو 2 : 21 ] . جـ - وصعدت به إلى أورشليم ليقدموه للرب ، كما هو مكتوب فى ناموس الرب أن كل فاتح رحم يدعى قدوسا للرب ، ولكى يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب " زوج يمام ، أو فرخى حمام " [ لو 2 : 22 – 24 ] .
د – ووقفت على خدمته الجسدية ورعايته [ فى ناسوته ] . هـ - وهربت به إلى أرض مصر من وجه هيرودس الذى كان يطلب قتله . و – وكانت تصحبه إلى أورشليم سنويا لقضاء عيد الفصح [ لو 2 : 41 ] . 5 - فى عرس قانا الجليل : أ – كانت خادمة لأهل العرس ، بدليل أنها علمت بفراغ الخمر . ب – وقامت بخدمة الشفاعة ، طلبت من أجلهم عند ابنها قائلة " مهما قال لكم افعلوه " [ يو 2 : 5 ] . 
6 - فى بيت يوحنا الحبيب : أ – ظهرت خدمتها ليوحنا فى تقديم أمومتها له . ب – وظهرت خدمتها لأبنها فى إمداد التلاميذ والرسل بكل المعلومات التى تكشف عن حياة السيد المسيح [ قبل بدء خدمته ] وهى حوالى ثلاثون عاما ، لأن التلاميذ عاشروا السيد المسيح لمدة خدمته وهى حوالى ثلاث سنوات تقريبا ؛ الأمر الذى نفعهم فى كتابتهم وكرازتهم .
جـ - وكانت تذهب لتشدد التلاميذ فى الشدائد التى تعرضوا لها ، كما حدث فى حالة إخراج متياس من السجن فى مدينة فيلبى . 7 - وبالنسبة لنا : أ – هى خدمتنا بقدوتها ... وبشفاعتها ... وبمعجزاتها . ب – كما تخدمنا فى ظهوراتها [ العلنية للجمهور والخاصة للأفراد ] ... تظهر أمام الصليب لتعلن كرامة الصليب ، ورافعة يديها إلى السماء وكأنها تطلب منا قائلة " صلوا لأن نجاتكم تقترب " صانعة المعجزات لتعيد الأيمان للقلوب التى تحجرت 

اقوال اباء جميلة


إذا جعلت توكلك على الله فإنه يخلصك من جميع
شدائدك .
(القديس الأنبا باخوميوس)
----------------------------------------------
سيظل يسوع فاتحًا ذراعيه باستمرار لأنه يريد
نفسى التى مات عنها لكى يحتضنها.
(القمص بيشوى كامل)
---------------------------------------------
إن النعمة الإلهية عندما ترفرف بأجنحتها على
الإنسان تطرد عنه كل كدر وحزن وقلق وتبلسم
قلبه ببلسمها الذى لا يوصف.
---
كن مطمئنًا جدًا جدًا ولا تفكر فى الأمر
كثيرًا بل دع الأمر لمن بيده الأمر .
(البابا كيرلس السادس
-------------------------------------------
الله قد يسمح لقوى الشر أن تقوم علينا ، ولكنه
فى نفس الوقت يأمر القوات السمائية أن تقف
معنا وتحمينا . ونحن نغنى مع أليشع النبى الذى
اجتاز نفس التجربة ونقول : "إن الذين معنا أكثر
من الذين علينا " ويقول الرب لكل واحد منا :
" لا تخش من خوف الليل ، ولا من سهم يطير فى
النهار . يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات
وأما أنت فلا يقتربون إليك " .
---
ما دامت الحرب للرب ، اعتمد عليه إذاً وليكن
رجاؤك فيه ، مهما وقفت ضدك خطية أو شهوة ،
تجربة أو مشكلة ، ومهما وقف ضدك الناس الأشرار
-----
إن كنت مصلوبًا وبخاصة من أجل الحق أو من أجل
الإيمان ، فاعرف أن كل ألم تقاسيه هو محسوب
عند الله ، له إكليله فى السماء وبركته على
الأرض .
----
ثق أنك لست وحدك . أنت مُحاط بمعونة إلهية
وقوات سمائية تحيط بك ، وقديسون يشفعون فيك
-----
لا تنظر إلى المشكلة ، إنما إلى الله الذى
يحلها . شعورك بأن الله واقف معك فى
مشكلتك يمنحك رجاء وقوة .
-----
أقول لكل مَن فى ضيقة رددوا العبارات الثلاث
الآتية : " كله للخير – مصيرها تنتهى –ربنا
موجود " .
----
إن الله لا يمنع الشدة عن أولاده ولا يمنع
التجربة والضيقة ، ولكنه يعطى انتصارًا
على الشدائد ويعطى احتمالاً وحلاً .
(البابا شنودة الثالث)
------------------------------------------
بحبك نقشتني على كفك يا إلهي،
حسبتني أورشليم المحبوبة، وصهيون المقدسة
لكنني بخطاياي ونجاسات قلبي
صرت منقوشًا على لبنة من الطين
 صرت محتقرًا، أتمرغ في الوحل
بتهاوني أحاط بي العدو وحطم أسواري،
يا من تريد أن تقيم روحك الناري سورًا لحياتي
مددت أيها الآب ذراعك الإلهي،
إذ أرسلت لي ابنك متجسدًا،
يغسلني من التراب،
ويهبني روحك الناري،
ويحملني إلى أحضانك
خطيتي نزعت عنى حيويتي،
صرتُ مريضًا بالفالج،
تارة أتكئ على جنبي الشمال مضروبًا بالشرور،
وأخرى أتكئ على اليمين مضروبًا بالبر الذاتي،
حرمتني خطيتي من الشبع،
حولت جنتي الداخلية إلى قفر مدقع
 من ينقذني من هذه المجاعة إلا أنت يا شبع نفسي؟
 القمص تادرس يعقوب ملطي

مثل الكرم والكرامين وارتباطه بصلوات القداس الغريغورى

تأمل فى مثل الكرم والكرامين ، وارتباطه بالقداس الغريغورى  [ لوقا 20 : 9 – 19 ]
من هم هؤلاء العبيد الثلاثة الذين سبقوا الوارث، الذين اضطهدوا الكرامين عوض تقديم الثمار لحساب صاحب الكرم؟
+ العبد الأول الذي أرسله الرب ليجمع لحسابه هو الناموس الطبيعي الذي وهبه الله للبشرية حتى قبل الناموس الموسوي، وقد كسر الإنسان هذا الناموس الطبيعي، الأمر الذي وضح بقوة في قتل هابيل، فقدم قايين رائحة الحسد الملطخة بدم برئ عوض الحب الأخوي، وقد عاش رجال الإِيمان قبل الناموس تحت ضيقات كثيرة من قِبل الأشرار.
نتأمل صلوات القداس الغريغورى :

العبد الاول : الناموس الطبيعى

" من أجل تعطفاتك الجزيلة كونتنى إذ لم أكن ، أقمت السماء لى سقفا ، وثبت لى الأرض لأمشى عليها . من أجلى ألجمت البحر ، من أجلى أظهرت طبيعة الحيوان ، أخضعت كل شىء تحت قدمى ، لم تدعنى معوزا شيئا من أعمال كرامتك . أنت الذى جبلتنى ووضعت يدك على ، ورسمت فى صورة سلطانك ، ووضعت فى موهبة النطق ، وفتحت لى الفردوس لأتنعم ، وأعطيتنى علم معرفتك ، أظهرت لى شجرة الحياة ، وعرفتنى شوكة الموت "

يرد الشعب : يارب أرحم

+ العبد الثاني الذي بعث به الرب هو الناموس الموسوي على يدي موسى، ومع هذا فقد عانى موسى الأمرين من قبل اليهود بتذمرهم غير المنقطع. كما عاش الناموس الموسوي مُضطهدًا من كل القيادات اليهودية بتحويله من الروح إلى الحرف القاتل. فإن كان قادة اليهود قد ظهروا كغيورين على الشريعة ومحافظين عليها، إنما في المظهر الخارجي البرّاق، أما بحياتهم وسلوكهم فقد قتلوها وأفسدوا غايتها ورسالتها بتعليمهم الحرفي.

العبد الثانى : ناموس موسى 

" ربطتنى بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة . ....... أعطيتنى الناموس عونا . أنت الذى خدمت لى الخلاص لما خالفت ناموسك ، كنور حقيقى أشرقت للضالين وغير العارفين .

يرد الشعب : يارب أرحم

العبد الثالث الذي قدمه صاحب الكرم هو النبوة، فقد بُعث مجموعة من الأنبياء يحثوا الشعب على التوبة ويعلنوا عن مجيء المسيا المخلص، وكان نصيب الأنبياء الضيق والاضطهاد والقتل.
يمكننا أن نقول بأن السيد المسيح وهو يحدث اليهود خاصة قادتهم، فإن هؤلاء الحاضرين أنفسهم مسئولون عن قتل هؤلاء العبيد الثلاثة. فالقادة الحاضرون في عصر السيد المسيح كانوا يعملون ضد الناموس الطبيعي، كما ضد الناموس الموسوي، وأيضًا ضد النبوة. فمن جهة حياتهم وسلوكهم لم يراعوا حتى الناموس الطبيعي نفسه، ومن جهة تعليمهم قتلوا الناموس الموسوي بتطبيقه بطريقة حرفية جامدة فتمسكوا بالظل والرمز دون الاهتمام بالحق والمرموز إليه، ومن جهة النبوات رفضوها لأنهم رفضوا المخلص غاية الناموس وموضوع النبوات.

العبد الثالث : إرسال الأنبياء

" ربطتنى بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة ، أنت الذى أرسلت لى الأنبياء أنا المريض ...... "
يرد الشعب : يارب أرحم
أخيرا إرسال إبنه !!
ربما يستصعب البعض دعوة السيد المسيح نفسه بالوارث، فهل مات الآب ليرثه الابن؟ حاشا، إنما تقدم الوارث لا ليسحب من الأب ماله، إذ ما هو للآب فهو للابن، لكنه دعي نفسه وارثًا بكونه قد ترك مجده بإرادته مخليًا ذاته ليكون ممثلاً لنا ونائبًا عنا، حتى متى مات السيد المسيح بالجسد وقام نال باسمنا ماله كميراثٍ لنا بشركتنا معه في المجد. لقد حمل هذا اللقب "وارثًا" كرأس للكنيسة لكي ترث باسم رأسها ومعه وفيه ما هو له. لذلك يقول القديس أمبروسيوس :[المسيح هو وارث وفي نفس الوقت وصي.]
+ يمكننا أن نفهم من العبارة التالية: "فلما رآه الكرامون، تآمروا فيما بينهم قائلين: هذا هو الوارث، هلموا نقتله لكي يصير لنا الميراث" [14]. أراد السيد المسيح أن يوضح لهم أن ما يرتكبوه ضده لا يتم عن عدم معرفةٍ، وإنما عن حسدٍ. إنهم خلال الناموس والأنبياء يدركون أنه المسيا، لكنه ليس حسب أهوائهم، لذا قتلوه عمدًا على الصليب.
+ يُفهم من العبارة: "فأخرجوه خارج الكرم وقتلوه" [15]، من الجانب الحرفي أنه صُلب على جبل الجلجثة خارج أورشليم، كما يمكن أيضًا أن يُفهم بأن اليهود - وهو كرم الرب - سلموا الوارث لبيلاطس والجند الرومان ليقتلوه، سلموه خارج الكرم! ويمكننا أيضًا أن نفهم أن إخراجه خارج الكرم لقتله يعني رفضه. أخرجه الجاحدون الأشرار خارج قلوبهم، كرم الرب الداخلي، فقدموا له الآلام عوض الحب! بهذا يمكننا أن نفهم عبارة الرسول بولس: "فلنخرج إذًا إليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13) بمعنى أننا إذ صرنا أتباع المصلوب، نُرفض نحن أيضًا من العالم، فلا يكون لنا موضع في القلوب. فنُطرد خارج قلوبهم ونُسلم لبغضتهم حاملين كل تعييراتهم ومتاعبهم من نحونا. بمعنى آخر لا ينتظر المؤمن وهو يقدم كل الحب للعالم أن يرد له العالم الحب بالحب، وإنما يرد له محبته بالطرد خارجًا ليحمل مع فاديه صليبه ويقبل عاره!

أخيرا : إرسال إبنه الوحيد

" أتيت إلى الذبح مثل حمل حتى إلى الصليب . أظهرت عظم اهتمامك بى ........ "

هنا يرد الشعب : كرحمتك يارب ولا كخطايانا

+ صلوات القداس مأخوذة من كلام السيد المسيح

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010